المتابعون

الجمعة، 8 يوليو 2011

هل تجهض الثورات العربية على يد حراسها؟


 استأثرت الثورات العربية الداعية للتغيير والحراك الديمقراطي في العالم العربي باهتمام الكثير من الكتاب والمفكرين الغربيين. هناك بالطبع من اتفق في تفسيره لهذه الثورات مع الفكرة القائلة إن النار ظلت كامنة تحت الرماد حتى انطلقت شرارة الغضب التي فجرت سيلا من الأحداث غير المتوقعة. وذهب البعض لتفسيرات أكثر بعدا، فرأى البعض دورا لشركات النفط، وهناك من ألقى بالمسؤولية على الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في المنطقة.

واهتم بعض الكتاب بسيناريوهات المستقبل سواء على المستوى الداخلي أو على المستوى الدولي والدروس المستفادة من هذه الثورات، وهناك من قدم نصائحه للحركات الثورية للحفاظ على مكاسب الثورة وتقويض محاولات الالتفاف عليها.

هل تخلت أمريكا عن حلفائها؟
 حول التوقيت الذي انطلقت فيه الثورات كتب جوين داير في عموده بصحيفة World View مقالا بعنوان "الثورة العربية: لماذا الآن؟" عبر فيها عن وجهة نظره في أن الفراغ الأمني الذي سيحدثه انسحاب الولايات المتحدة من العراق وأفغانستان يقف وراء هذه الأحداث التي تشهدها المنطقة، فلا يمكن حسبما يرى داير أن يكون الغضب من الاستبداد وحده أو تزايد حدة الفقر هو المفجر لهذه الثورات لأن هذه الأسباب متجذرة في هذه المجتمعات فلماذا التحرك الآن فقط؟.
ويعتقد داير أنالشيء الوحيد الذي اختلف حقا في الشرق الأوسط، فقط في العام أو العامين الماضيين، يتمثل في حقيقة بديهية وهي أن الولايات المتحدة بدأت سحب قواتها من المنطقة. فقد كانت الولايات المتحدة راغبة في التدخل عسكريا للدفاع عن الأنظمة العربية التي تشاء وإسقاط تلك التي لم تعجبها. ولكن كل هذا انتهى الآن.
والشعوب تعرف أنه مع رحيل آخر القوات الأمريكية من العراق بنهاية 2011 لن تعود الولايات المتحدة للتدخل العسكري مرة أخرى، وبالتالي ستنهار شبكات الأمان التي كانت تحمي الأنظمة العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة، وفي هذا فرصة للانقضاض على هذه الأنظمة وإزالتها. ويضيف داير أن هناك أيضا إعادة تقييم استراتيجية كبرى تجري في واشنطن، وأنه من شبه المؤكد أن ترتكز هذه الاستراتيجية الجديدة على الانتقاص من أهمية الشرق الأوسط في السياسة الأمريكية.
والنخب العربية تعلم جيدا أن الدوافع التقليدية للمشاركة الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط تنحصر في النفط وإسرائيل. إلا أن الحرب الباردة قد انتهت، والولايات المتحدة تدرك أنها ليست بحاجة للسيطرة العسكرية للحفاظ على النفط فيكفيها دعم عملائها في المنطقة من الأنظمة الحاكمة، إلى جانب ذلك، فإن أقل من خمس واردات أميركا من النفط تأتي من العالم العربي.
أما عن إسرائيل، فيرى داير أن قيمتها العسكرية للولايات المتحدة قد تراجعت تراجعا حادا منذ نهاية الحرب الباردة. كما أنها لا تحتاج إلى حماية أمريكا فقد أصبحت قوة عظمى يتضاءل بجانبها العرب من الناحية العسكرية. لذلك يتساءل داير مستنكرا: لماذا يتعين على الولايات المتحدة أن تعتبر "الاستقرار" في الشرق الأوسط مصلحة وطنية حيوية؟.
ويعود داير ليؤكد مجددا أن قيام الشعوب العربية بثورتها الآن هو نتيجة لإدراكها أن الولايات المتحدة لن تتدخل عسكريا لحماية الأنظمة الحاكمة، تماما كما حدث في ثورات 1989 حين أدركت شعوب أوروبا الشرقية أن الاتحاد السوفيتي لن يتدخل عسكريا للحفاظ على الأنظمة الشيوعية الحاكمة.

النفط وأشياء أخرى
في المقابل يختلف ستيفان هاوزن Stefan Huzan مع داير في رؤيته تلك فيتساءل في صحيفة كرونيكل الكندية Chronicle Journal "هل الثورة العربية من إخراج شركات النفط الكبرى؟". فستيفان لا يعتقد أن هذه الثورات جاءت بشكل عشوائي أو نتيجة للفراغ الأمني الذي سيحدثه رحيل القوات الأمريكية بل يذهب لأبعد من ذلك فيطرح فكرة أن تكون هذه الثورات مدبرة بفعل شركات النفط الكبرى.
وتقوم وجهة نظر ستيفان على طرحه لسؤالين مهمين حول هذه الثورات: من المستفيد؟ وكم ستكون التكلفة؟
ويجيب أن الأزمة في تونس أدت على الفور لارتفاع أسعار النفط. والجميع مقتنعون أننا نتعرض حاليا لابتزاز من قبل شركات النفط كلما كان ذلك ممكنا، ولأي سبب من الأسباب المحتملة. وأنه في ظل الاضطرابات دوما ترتفع أسعار النفط، وهناك الكثير ممن كتبوا عن دور نائب الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش في التلاعب به للزج بالولايات المتحدة في حرب العراق والتي استفاد منها مباشرة في صفقات سرية لصالح شركة النفط التي كان يملكها قبل توليه منصبه السياسي، وبالتالي كان أكبر المستفيدين من ارتفاع أسعار النفط.
ويتصور ستيفان أن قوى المعارضة العربية حين تعرف أنها تم التلاعب بها لإحداث الفوضى في المنطقة لصالح شركات النفط الكبرى ربما تغضب وتشعر بالإهانة لكن شعورها هذا سيزول حين تعلم أن الشعب الأمريكي لم يكن أكثر ذكاء منها وأنه خدع من قبل. ويتفق ستيفان مع نظرية الدومينو، فيرى أن ما حدث في بعض الدول العربية سيتوالى في جميع الدول، ولكن المستفيد لن يكون سوى شركات النفط. وتكلفة إعادة توجيه الغضب العربي لن تزيد عن بضعة ملايين تنفقها هذه الشركات ولكنها نفقة تستحق كل هذا الجهد من التخطيط لكسب المزيد من المليارات.

صناعة محلية ودروس عالمية
بالطبع نظرة ستيفان تقلل من فاعلية الدور الشعبي العربي لتبدو كما لو كانت الجماهير العربية دمية تحركها مصالح كبرى. كما تقلل من إرادة التغيير التي شهد بها الغرب قبل الشرق. بل وتروج هذه النظرة أيضا لفكرة القوى الخارجية المحركة التي تتعلل بها الأنظمة الحاكمة نفسها. لذلك نجد فيدار هيلجسين[1]Vidar Helgesen يؤكد أن هذه الثورة محلية الصنع ولا يوجد أي دور خارجي، فالأمر ببساطة أن الرجال والنساء في العالم العربي قد اتفقوا على تحديد مستقبلهم بأيديهم. اتفقوا على أن ينتخبوا من يمثلونهم بحرية وبطريقة ديمقراطية.
ومع هذه الصناعة المحلية يرى هيلجسين أن هذه الثورات علمت المجتمع الدولي أربعة دروس أساسية ذكرها في مقاله على موقع أوبن ديموكراسي openDemocracy، والذي جاء بعنوان "تصاعد الديمقراطية العربية: دروس دولية". وتتمثل في الآتي:
* أن الدور الهامشي الذي لعبته الديمقراطية في العلاقات الدولية في العقد الأخير لم يقلل من مركزية الديمقراطية في طموحات المواطنين في جميع أنحاء العالم. فالانتفاضات الديمقراطية في تونس ومصر أخذت العالم على حين غرة، إذن الدرس المستفاد أن الديمقراطية تتحدى التنبؤات.
* أنه في ظل العولمة وتعدد الأقطاب يمكن للديمقراطية أيضا أن تصبح عالمية حقا. ولم يعد من الممكن رفض الديمقراطية باعتبارها ثقافة غربية مستوردة، بل لقد صنعت محليا في دول الجنوب التي تفوق أعداد السكان فيها ضعف سكان أوروبا وأمريكا الشمالية معا. 
* قدرة وسائل الإعلام الجديدة لنشر المعلومات، وزيادة الوعي والتعبئة السياسية التي تجاوزت قدرة الحكومات الاستبدادية على حماية مواطنيها من الاتجاهات الإقليمية والعالمية. فالشبكات الاجتماعية ذات روافد متعددة مثل تيارات المياه تجد دائما طرقا بديلة.
* أن الثورة أثبتت أن الأنظمة الاستبدادية التي نصبت نفسها للأمن والاستقرار في المنطقة لم تعد مقنعة ولم تعد ذات مصداقية، وبالتالي، لم يعد ينبغي أخذها في الاعتبار مستقبلا.

ماذا تفعل الولايات المتحدة؟
كتب ريتشارد باركر[2] مقالا في صحيفة بيلنجهام هيرالد الأمريكية heraldBellingham بعنوان "الثورة العربية: ما الذي ينبغي على الولايات المتحدة فعله؟"[3]. ينتقد فيه الموقف الأمريكي تجاه الثورات العربية. ففي نظر باركر أن هذه الاحتجاجات التي اجتاحت الدول العربية والتي نجحت حتى الآن في خلع رأس النظام الديكتاتوري في كل من تونس ومصر، وما زالت تتواصل في ليبيا والبحرين واليمن وغيرها من دول المنطقة لا يمكن التقليل من شأنها فهي رحلة طويلة من الثورة إلى الديمقراطية.

هذه الثورات التي انطلقت شرارتها عبر الفيس بوك لا تعبر عن غضب عابر بل هي ثورات حقيقية تسعى للوصول إلى الديمقراطية والإطاحة بأنظمة سلطوية فردية ظلت قابعة على كراسي الحكم لعقود طويلة. إلا أن هذه الثورات في نظر باركر كشفت عن جانب خطير ومظلم حول دور الولايات المتحدة. ليطرح السؤال "ماذا تفعل الولايات المتحدة؟" نفسه بقوة.
والجواب هو التركيز على الاستقرار والديمقراطية. لكن في نظر باركر كان هذا أكبر خطأ ارتكبته الإدارة الأمريكية التي يجب عليها أن تعمل مستقبلا على الاستقرار على المدى الطويل، حيث تركز على دعم القوات المسلحة الصديقة، وينبغي أن تدعم أيضا الطبقات الوسطى في العالم العربي، والتي تمثل قوة رأس المال البشري غير المستغلة والتي لديها أعظم قدرة على الانتقال إلى الديمقراطية، حتى لو كان ذلك سيستغرق سنوات.
وفي حين يعتقد كثير من الأمريكيين أن تورط الولايات المتحدة في الشرق الأوسط يعود لحوالي عقد من الزمن وتحديدا منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فإن باركر يرى أن الاهتمام الأمريكي بالمنطقة يعود لأبعد من ذلك ربما إلى الخمسينيات من القرن العشرين منذ انسحاب بريطانيا من المنطقة، حيث كثفت الولايات المتحدة من الحفاظ على نشر قوات كبيرة داخل وحول منطقة البحر المتوسط وكذلك في شمال أفريقيا والخليج العربي.
وقد يثير دافعي الضرائب الأمريكيين معرفة أن الولايات المتحدة استثمرت أكثر من 24 مليار دولار من المساعدات إلى البلدان التي تعاني الآن من حالة اضطراب فقط في العقد الأخير، وبالطبع فإن الكثير من تلك المساعدات كانت عسكرية تشمل المعدات والأسلحة، والعمليات ، وزيارات الموانئ، والتدريب، ومكافحة الإرهاب والاستخبارات. وهذا الاستثمار الآن على المحك، منها 18 مليار دولار في مصر ، 5 مليارات دولار في الأردن، 215 مليون دولار في البحرين، 16 مليون دولار في الجزائر، و91 مليون دولار في تونس حيث انطلقت شرارة التغيير.
الجيش والطبقات الوسطى
ويؤكد باركر أنه لا يمكن أن يكون من قبيل الصدفة تماما أن الثورات حاليا تجتاح البلدان التي كانت تدعمها الولايات المتحدة مما يعني أن الولايات المتحدة تنفق أموالها ببساطة لدعم الأنظمة الأضعف والأكثر فسادا. ففي حين أن الولايات المتحدة قامت بتسليح الجيش المصري، فإنها تجري أيضا مناورات مشتركة مع مصر سنويا تحت مسمى النجم الساطع. ورغم رفض الجزائر لوجود قواعد أمريكية بها إلا أنها تراجعت في العقد الماضي بالسماح لطائرات أمريكية للتزود بالوقود، والسماح لسفن وغواصات بإجراء تدريبات، كما تجري مناورات عسكرية بين قوات الجزائر الخاصة والقوات الأمريكية، والمعروفة باسم عملية فلينتلوك Flintlock. كما سمح اليمن بغارات جوية شنتها طائرات البحرية الأمريكية، وحتى تونس كان بها لجنة عسكرية مشتركة مع الولايات المتحدة.
ومع اهتمام الولايات المتحدة بالجيوش ينبغي لها أيضا كما يرى باركر أن تولي اهتمامها بالطبقة الوسطى التي بدأت في الظهور مرة أخرى واتضح أنها ذات قاعدة عريضة، وأنها قررت في نهاية المطاف أن تضع حدا للفساد وعمليات النهب التي مارستها الطبقة الحاكمة. خاصة أن كل محاولات الإصلاح الاقتصادي كانت هزيلة جدا وجاءت متأخرا جدا، كما هو الحال في مصر. وقد تكون الطبقة الوسطى تقلصت في الولايات المتحدة، ولكنها نمت بشكل واسع في العالم العربي، حيث تشكل 79% من السكان في عام 2005 مقابل 75,5% عام 1990، وفقا للمعهد العربي للتخطيط في الكويت.
ويؤكد باركر أنه لن يكون هناك تحول سريع للديمقراطية في هذه الدول، بل ربما تستمر عمليات الإصلاح لسنوات، ومن الجائز أن يتحول الحلم إلى كابوس مع استمرار إراقة الدماء لسنوات. صحيح أن رصد هذا الجزء من العالم والتحولات فيه قد يشكل عبئا طويلا على الإدارة الأمريكية وقد يكون مهمة مملة. إلا أن هذه الثورة التي انطلقت لا يمكن أن تتوقف لأنها نتاج سنوات من الظلم. وللولايات المتحدة مصلحة في الاستقرار في الشرق الأوسط اليوم، والديمقراطية على المدى الطويل. وهي لا تستطيع أن تملي قرارات ولكنها تملك فقط أن تفعل ما فعلته دائما وهو محاولة التأثير على الوضع. والجيوش العربية والطبقات الوسطى هي التي بيدها الآن مفتاح هذا المستقبل الضبابي والخطير.

مباركية بدون مبارك!
وحول سيناريوهات المرحلة المقبلة بعد الثورات العربية كتب ريشارد فولك[4] Richard Falk في جريدة فورين بوليسي Foreign Policy مقالا بعنوان "ما هو الفوز؟ المرحلة المقبلة للانتفاضات الثورية"[5]. أكد فولك أن الثورة التونسية أو المصرية لم تكتمل بعد، فالمطلب الحقيقي لا يقتصر على خلع بن علي ولا مبارك بل يتعدى ذلك إلى الإصرار على إعادة الكرامة المادية والروحية للحياة في جميع جوانبها.
وهناك العديد من السيناريوهات المتوقعة بعد الثورة أكثرها تشاؤما أن يظل النظام الحاكم القديم بعد اقتلاع رؤوسه ليأتي بوجوه جديدة فقط. أو كما يقول شاندرا مظفر العالم الماليزي "المباركية بدون مبارك"، ويعني أن تظل الأنظمة القمعية المتغلغلة في المجتمع مع تغيير الوجوه والأسماء فقط، وهذا السيناريو بالطبع سيكون مخيبا للآمال ولا يتلاءم مع تضحيات المحتجين والدم الذي قدموه.
من هنا يرى فولك أن ما هو مطلوب أكثر من مجرد الديمقراطية الدستورية إذ يجب تحقيق الموضوعية للحكم الرشيد والعادل. ويشمل هذا قبل كل شيء السياسات الاقتصادية الموجهة للشعب، ووضع حد للفساد، وحماية حقوق الإنسان، بما فيها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية خصوصا. مثل هذا البرنامج لا غنى عنه لأنه بلا شك كان أحد الدوافع الأساسية للثورة.
لذا يتوقع من الحكومات الجديدة أن تهتم ببرامج الإصلاح الاقتصادي وتوفير فرص العمل ورفع الأجور، كما تحتاج أيضا أن تضع في الاعتبار أن كثيراً من شعارات المتظاهرين تسلط الضوء على التعطش للحرية والحقوق. ورغم وجود القليل من الخبرة في الممارسة الديمقراطية في جميع أنحاء المنطقة، فإنه سيكون هناك على الأرجح محاولة جادة من قبل المؤسسات الحاكمة الجديدة لتمييز ممارساتها عن ممارسات أسلافهم المكروهة، وانتهاج سياسة السماح بممارسة كل أشكال النشاط المعارض، بما في ذلك حرية التعبير والتجمع وتشكيل الأحزاب.
حتى لا تُجهض الثورة
ومع ذلك حسبما يرى فولك فإن القوى القديمة ستسعى حثيثا لاستعادة دورها وامتيازاتها لتقويض الثورة. وهنا يأتي دور الحركة الشعبية في عدم السماح بشق الصفوف، وإذا كان البعض ينادي بالمصالحة مع أطراف النظام السابق فإن هذه خيانة للثورة تماما كما انتقد الكثير نهج نيلسون مانديلا الذي اتبعه للمصالحة والتحول في جنوب أفريقيا والتي جعلت البعض يصفه بخيبة أمل ثورية إن لم تكن خيانة. وهناك من سيظل ينادي بملاحقة الفساد والمال المنهوب حفاظا على مكاسب الثورة.
ويؤكد فولك أنه ستكون هناك أيضا اختلافات تكتيكية واستراتيجية حول كيفية التعامل مع الاقتصاد العالمي، لا سيما فيما يتعلق بخلق ظروف الاستقرار وجذب الاستثمارات الأجنبية. والتي ستبدو كما لو كان هناك توترات بين حماية حقوق العمال من جهة، وجعل المستثمرين يشعرون بالأمان ويتوقعون الربح في البيئة السياسية الجديدة.
ويعود فولك ليؤكد أن هذه التحديات لا تعني التقليل من شأن الإنجازات الرائعة للانتفاضات الثورية، ولكنها إشارة إلى الأعمال غير المنجزة التي يجب التصدي لها من قبل الثوار لتجنب خيبة الأمل للتطلعات الثورية. وغالبا ما يتم الالتفاف على المكاسب الثورية بعد فترة وجيزة من إزاحة النظم الظالمة السابقة، لذا فإن هذه المرحلة هي المرحلة الأكثر حاجة من أي وقت مضى لليقظة حيث يحتضر النظام القديم ويولد الجديد. والوليد الجديد قد يلقى مقاومة شديدة وقد يتعرض للقمع من قبل عناصر منعدمة الضمير لذا لا بد من استمرار الروح الثورية، ولا بد من رفع شعارات الدفاع عن الثورة ضد أعدائها. والصعوبة هنا كما يعتقد فولك تتمثل في أن الأعداء قد يكونون ظاهرين وقد يكونون مختفين. وكثير من الثورات في الماضي تم إجهاضها على يد حراسها المفترضين.

بقلم / امل خيرى 

الثلاثاء، 28 يونيو 2011

ما مفهوم مصطلح ما بعد الحداثة ؟


تعبر كلمة ما بعد الحداثة عن مرحلة جديدة في تاريخ الحضارة الغربية تتميز بالشعور بالإحباط من الحداثة و محاولة نقد هذه المرحلة و البحث عن خيارات جديدة و كان لهذه المرحلة أثر في العديد من المجالات.
تعتبر فلسفة ما بعد الحداثة فلسفة نقدية لمجمل مرحلة الحداثة و فلسفاتها التي سيطرت على الحضارة الغربية بعد عصر النهضة و الثورة الصناعية و تركزت على فكرة التحكم بالطبيعة و مواردها و التحكم بالبشر و المجتمعات. لكنها من وجهة نظر أخرى قد تكون فلسفية بحتة هي ؛ تقديم فلسفة الحداثة بأسلوب إنساني مفهوم و واضح ومرتيط ببساطة مع هوية المفكر والمفكر فيه والمفكر له .. مثلا من وجهة نظر فنية ؛ الرسام واللوحة والمتذوق على التوالي .



أن الثورة المعرفية في مجال المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات قد ساعدت في نقل الفكر من الحداثة إلى ما بعد الحداثة حيث الانتقال من حالة الإشباع المادي إلى حالة الإشباع المعنوي الأمر الذي دفع ببعض الباحثين إلى الزعم بأن مشروع الحداثة قد وصل إلى نهايته و ما علينا إلا الانتقال إلى مرحلة جديدة وفكر جديد وهى مرحلة ما بعد الحداثة." 1"

وتكمن الفكرة الأساسية لتيار ما بعد الحداثة فى الاعتقاد بأن أساليب العالم الغربي في الرؤى والمعرفة والتغير طرأ عليها في السنوات الأخيرة تغير جذري نجم في الأغلب عن التقدم الهائل في وسائل الإعلام والاتصال والتواصل الجماهيري وتطور نظم المعلومات في العالم ككل مما ترتب عليه حدوث تغيرات في اقتصاديات العالم الغربي التي تعتمد على التصنيع وازدياد الميل إلى الانصراف عن هذا النمط من الحياة الاقتصادية وظهور مجتمع وثقافة من نوع جديد." 2"

وعلى الرغم من ان ما بعد الحداثة تشخيص لكل ما يحدث حولنا إلا أنها لم تعطِ حتى الآن تعريفا، وترجع صعوبة وضع تحديد دقيق لكلمة ما بعد الحداثة إلى أنها تتولد عن معانٍ مختلفة تختلف باختلاف الفروع التي تدخل في نطاقها حيث ان أغلب ما كتب عن ما بعد الحداثة نبع من تواجد اختلاف معرفي عما تدعو إليه ما بعد الحـداثة أو ما تتعـهد به، فمـثلا نجـد أن هذا المصـطلح متطابق إلى حد كبير مع ما بعد البنيوية ونجده متعارضاً معها في أحيانا أخرى.

كذلك نجد أن المصطلح قد يستخدم فى أحيانا ثالثة بشكل نظري صارم ليصف المشهد الثقافي المعاصر" 3" ، وما هو أسوأ أن مقتنعي ما بعد الحداثة ورموزها الفكريين لم يتفقوا حتى على تعبير ما بعد الحداثة نفسه، فالبعض مثل " ليوتارد " يفضل صيغة اكثر ايجابية وتحديدا لشرط ما بعد الحديث، بينما هناك من يراها منطقا ثقافيا للرأسمالية المتأخرة " كجيمسون " أو عصرا ثقافيا أخيرا في الغرب، كما يحاول البعض الآخر أن يتجنب مأزق التعرف. " 4"

وفي ضوء ذلك يمكن القول بان مفهوم ما بعد الحداثة يعد أحد المفاهيم الحديثة التي دخلت في نطاق علم الاجتماع، ومن ثم يكون من المنطقي أن يدور جدل ونقاش حول تعريف المفهوم شانه في ذلك شان مفاهيم العلم، ولكن من غير المنطقى أن لا يتفق رموز و مفكري ما بعد الحداثة على التسمية وتعبير ما بعد الحداثة نفسه الأمر الذي قد يوجد بعض التضارب و التداخل في فهم ما بعد الحداثة.

إلا أن ذلك قد يكون مرده إلى اختلاف المجالات والتخصصات التي يدخل تحت نطاقها هذا المفهوم وما يترتب على ذلك من اختلاف تخصصات رواد ما بعد الحداثة ورموزه الفكريين، وتأكيدا لذلك فإن "مفهوم ما بعد الحداثة قد ساهم في صياغته مجموعة من المفكرين في مجالات شتى في النقد الأدبي والفن و العمارة والفلسفة والسياسية وعلم الاجتماع."" 5"

وقبل الدخول في تناول مفهوم ما بعد الحداثة من خلال وجهات نظر مختلفة يتراءى للدراسة إلقاء الضوء على اللازمة أو المقطع "ما بعد" ، حيث تجدر الإشارة إلى أن لفظ "ما بعد" استخدم في أول الأمر فى الطبيعة ويعود استخدامه إلى أحد أتباع "أرسطو" و الذى وجد ضمن مؤلفاته مجموعة مقالات له تشتمل على ثلاثة مباحث كبرى وهي مبادئ المعرفة و الامور العامة للوجود والألوهية رأس الوجود وهي مباحث تقع بعد علم الطبيعة فأطلق عليها ما بعد الطبيعة."6"

كما استخدم هذا المقطع " ما بعد " في العصر الحديث في أعقاب الحرب العالمية الأولى والثانية باعتبار أن مصطلح ما بعد الحرب كان على كل الألسنه وفي كل الميادين السياسية والعسكرية والاقتصادية ومن هنا تمت استعارته إلى مجال الثقافة.

وفى ضوء ذلك يمكن القول بأن إضافة مقطع "ما بعد" إلى مفهوم الحداثة قد يفيد الترتيب الزمني كأن تقول ما بعد الكلاسيكية أو ما بعد الرومانسية أي بداية مرحلة زمنية جديدة، وكذلك تفيد الترتيب المكاني بمعنى وضعية شيء يأتي مكانيا بعد شيء آخر، ويرى البعض أن اللازمة "ما بعد" لا تتوقف عند العلاقة الزمنية بل تشير إلى ترك الإطار السابق عليها والانفصال عنه.

إلا أنها في حقيقة الأمر لابد أن تدل في ذات الوقت إلى جانب تلك القطيعة إلى نوع من استمرارية ما، أي استمرارية مع الحداثة إلى جانب الانفصال عنها." 7" ومن ثم فإن المقطع "ما بعد" في مصطلح ما بعد الحداثة يشير في آن واحد إلى الانفصال والاستمرار ومن ثم فإن درجة وصفها تتوقف على استخدام هذا الناقد أو ذاك." 8"

ومعنى ذلك أن إضافة المقطع ما بعد إلى مصطلح الحداثة قد يشير إلى الاستمرارية مع الحداثة ولكنها ليست استمرارية تواصلية – بمعنى أن ما بعد الحداثة استكمال لمشروع الحداثة – بقدر كونها استمرارية من اجل القطيعة، فالاستمرارية مع الحداثة هنا ضرورة نابعة من أن فهم ما بعد الشيء يستوجب معه منطقيا فهم الشيء نفسه لتحديد موقف معين تجاهه.

وفي ظل هذه الاستمرارية مع الحداثة تتولد القطيعة والانفصال عنها، وبالرغم من ذلك كله فإن المقطع "ما بعد" يعد تأكيداً على تمايز ما بعد الحداثة على الحداثة باعتبارها مرحلة فكرية وثقافية جديدة مناهضة لمرحلة الحداثة، وفي ضوء ما سبق يمكن القول بأن المقطع "ما بعد" قد أفاد مصطلح ما بعد الحداثة في تحديد هويته واتجاهه تجاه تيار الحداثة.

وبناء على ما تقدم يمكن فهم ما بعد الحداثة من خلال وجهات نظر بعض رواده في محاولة للوقوف على اهم المبادئ التي يرتكز عليها تيار ما بعد الحداثة وذلك
على النحو التالى:
يعتبر" نيتشية" احد المصادر الرئيسية فى القرن التاسع عشر للأفكار التي تميز الوضع ما بعد الحداثي، فالنزعة النسبية الأخلاقية والمعرفية لعالم ما بعد الحداثة ونزعة الريبة "الشك" فى إمكان تمييز الصدق من الكذب الحقيقة من الزيف نجد نموذجها في فكر" نيتشه" العدمى جذريا" 9" .

ويمكن القول أن فكر "نيتشه" هو فكر معادٍ للحداثة ويركز هجومه على فكرة الذات ويستند "نيتشه" في عدائه للحداثة على مبدأ العدمية وهو يعني انه لا قيمة للقيم، أي أن ما كُون فى العصور السالفة من مبادئ راسخة ثابتة ومثلا عليا سامية صارت مع مجئ الحداثة عدماً افقد القيم كل معنى أو حقيقة." 10"

ومن ثم فإن تيار ما بعد الحداثة في ضوء ذلك يمكن وصفه بأنه عدمي وذلك لأنه ينكر الاحكام التعميمية على نطاق المجتمع ويدعو إلى هجر مصطلحات الحقيقة باعتبار انه لا يمكن الامساك بتلابيبها في أي مجال وكذلك ترك مصطلح الموضوعية لأن الذاتية هي التي تحكم مختلف المسارات، كما يفقد التاريخ في ضوء هذا الاتجاه شرعيته لأنه غالبا ليس إلا مجموعة من الكتابات الدعائية وهذا الاتجاه العدمي يدعو إلى الجزئي على حساب الكلي." 11"

أما "ليوتار" فقد استخدم كلمة ما بعد الحداثة لدراسة وضع المعرفة في المجتمعات الاكثر تطورا مؤكدا أن وضع المعرفة يتغير بينما تدخل المجتمعات ما يعرف بعصر ما بعد الصناعة والثقافات ما يعرف بالعصر ما بعد الحداثي " 12".

وفي ضوء ذلك يؤكد "ليوتار" أن ما بعد الحداثة هي "التشكك إزاء الميتا حكاية هذا التشكيك بلا شك ناتج من التقدم في العلوم" " 13" ، وهذا يعني أن ما بعد الحداثة عند "ليوتار" تشير إلى نهاية الحكايات الكبرى أي نهاية المشاريع الاجتماعية الطموحة للحداثة والتأكيد على أن خطابات أو نظريات الحداثة المتجسدة في الليبرالية والماركسية والمستمدة من أفكار عصر التنوير عن العقل والتحرير الشامل للانسان والتقدم الخطى للتاريخ قد فقدت قيمتها التفسيرية، وأن ادعائها القدرة على المعرفة والتنبؤ ليس سوى وهم من أوهام التفكير الوضعي الذي ساد نهاية القرن التاسع عشر." 14"

أما " فردريك جيمسون" فانه يؤكد أن ما بعد الحداثة هي رد فعل لما قبلها، حيث يرى أن ما بعد الحداثة تتوحد برغم تعدد مجالاتها وأساليبها تحت شعار الرفض لما هو معترف به ومقنن"15 ".

كما أنه يرى أن كلمة ما بعد الحداثة تنطوي على مفهوم التمرحل والذي تكون مهمته منصبة على ربط بروز سمات شكلية جديدة في الثقافة ببروز سمات جديدة في الحياة الاجتماعية ونظام اقتصادي جديد بما يعرف غالبا حسب التعابير المطلقه بالمجتمع ما بعد الصناعي أو الاستهلاكي أو بالنظام الرأسمالي متعدد القوميات أو مجتمع وسائل الإعلام"16 ".

ويضيف "جيمسون" أن ما بعد الحداثة لا يمكن أن تفهم إلا في سياق رأسمالية أيامنا "الرأسمالية المتأخرة" لأنها أنقى شكل من أشكال رأس المال يظهر حتى الآن، حيث التوسع الضخم لرأس المال في مناطق لم تكن تعرف حتى الآن الاقتصاد السلعى ومن ثم يؤكد "جيمسون" أن ثقافة ما بعد الحداثة تتناسب مع سيطرة النزعة الاستهلاكية والطموح الاستهلاكى. " 17"

و يرى "سكوت لاش" أن ما بعد الحداثة نمطاً فكرياً يمكن النظر إليه من خلال التركيز على ثلاث قضايا مترابطة ومتكاملة وهي:
• التغير الثقافي: حيث أكد إنه إذا كانت الحداثة تنظر إلى التمايز الثقافي أو الاختلاف بين الثقافات فإن ما بعد الحداثة تتناول بالتحليل عملية تعميق لتلك الاختلافات.

• النمط الثقافى: حيث يرى ان من خصائص ما بعد الحداثة خلق نظام جديد من الرموز الثقافية المتصلة بالجانب الفكري أكثر من اتصالها بالجانب الحسي.

• التدرج الاجتماعي: حيث يرى أن ما بعد الحداثة تؤسس انحطاطاً واضحاً ومفاجئاً للطبقات وكسر لها ولحواجزها" 18" .

ويؤكد "لاش" أن حركة ما بعد الحداثة ترى على انها ثقافة المجتمع الرأسمالي ما بعد الصناعي حيث يتحدث "لاش" عن علاقة التوافق والتجاوب الإنتقائي بين ثقافة ما بعد الحداثة والمجتمع الرأسمالي المعاصر، حيث يشخص "لاش" الرأسمالية المعاصرة على أنها غير منظمة مقارنة بالرأسمالية المنظمة في أواخر قرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين.

ويؤكد "لاش" أن الرأسمالية غير المنظمة تتضمن معظم ملامح حركة ما بعد فورد، مشيراً إلى أنه فى ظل الرأسمالية تتفتت ثقافات ومجتمعات الطبقة العاملة ولا مركزية المدن والحركات الاجتماعية، فضلا عن أنها تساعد على ظهور بورجوازية ما بعد صناعية جديدة بأسسها المتواجدة في وسائل الإعلام والتعليم العالي والتمويل والإعلان، فمثلما كانت الحداثة هي ثقافة الرأسمالية المنظمة وطبقتها البورجوازية الحاكمة، فإن حركة ما بعد الحداثة هي ثقافة الرأسمالية غير المنظمة والطبقات الوسطى ما بعد الصناعية." 19"

و يؤكد "جان بودريار" أن تيار ما بعد الحداثة هو عبارة عن تيار اجتماعي متكامل مختلف بكل مبادئه وتنظيماته عن الحداثة، مشيراً إلى نهاية فترة الحداثة التي كان يحكمها الانتاج والرأسمالية وظهور ما يسمى بفترة ما بعد الحداثة البعد صناعية والمتمثلة في أشكال بديلة للتكنولوجيا والثقافة.

حيث يوضح بأن هناك أشكالاً جديدة من التقنية والمعلومات كونت مراكزاً للفترة البينية والتحول من نظام منتج إلى نظام مستهلك، فعلى عكس المجتمع الحداثي الصناعي الذي كان الإنتاج فيه يمثل حجر الزاوية يتضح لنا أن "الزيف" يركب ويتحكم في الشئون الاجتماعية حيث أصبحت الصور الزائفة صور الافعال والأحداث – في المجتمع ما بعد الصناعي _ تمثل الحقيقة." 20"

وبناء على ما سبق يمكن القول بان تيار ما بعد الحداثة يستند إلى مجموعة من المبادئ التي ينطلق منها في معالجته لمختلف القضايا وهي على النحو التالي:
1- العدمية: وتعني انعدام قيمة القيم في ظل الحداثة ومنجزاتها ونقد الذات وإنكار الحقيقة والموضوعية والتاريخ، ويمثل هذا المبدأ المنطق الداخلي لتيار ما بعد الحداثة.

2- التعامل مع مختلف القضايا من خلال اللغة، حيث تتركز تحليلات ما بعد الحداثة على الخطاب وهذا يعني أن تحليل النصوص أو تفكيكها قد أصبح يحظى بالمكانة الأولى في الجهد النظري لمفكري ما بعد الحداثة."21 " ومن ثم يمكن القول بأن اتخاذ الخطاب كوحدة للتحليل قد يظهر معه انصراف مفكري ما بعد الحداثة عن تحليل الواقع أو المضامين الملموسة للحقائق، وذلك نظراً لأن الخطاب قد لا يعطي صورة حقيقية عن الواقع.

3- سعت حركة ما بعد الحداثة إلى تحطيم الأنساق الفكرية الكبرى المغلقة والتي عادة ما تأخذ شكل الايديولوجيات، على أساس زعمها تقديم تفسير كلي للظواهر، كما أنها انطلقت من حتمية وهمية لا أساس لها. " 22"

4- ترفض حركة ما بعد الحداثة كل عمليات التمثيل سواء أخذت شكل الإنابة بمعنى أن شخصا يمثل الآخرين أو التشابه وذلك حين يزعم المصور أنه يحاكي في لوحته ما يراه في الواقع."23 "

انطلاقا مما سبق يمكن النظر إلى ما بعد الحداثة باعتبارها "حالة حضارية تهدف إلى خلق نمط ثقافي ومعرفي يتعارض مع الحداثة، له سمات وخصائص تمجد عدم التحديد واللامعنى والتعددية والاختلاف والنسبية فى النظر إلى الواقع ويعلي من قيمة الثقافة والمعرفة في توجية المجتمع الانساني" وهذا يعني أنها مرحلة من مراحل تطور المجتمعات تلي الحداثة وتهدف إلى "خلق نمط ثقافي و معرفي" بمعنى أنها تهدف - في ضوء منطق التحولات الذي افرزها- إلى إعادة هيكلة البنية الموجودة داخل مستويات الوجود الانساني.

كما أن هذا النمط يرفض الأطر النظرية والمنهجية للحداثة ومدلولاتها الواقعية، ويتسم بسمات مغايرة للنمط الحداثي تجسد رؤيته عن الواقع، وتخلق له رؤية تتماشى مع تأثير المعطيات الواقعية الجديدة على الحياة الاجتماعية والمتجسدة في الاعتماد على التكنولوجيا وطغيان وسائل الإعلام و الاتصال على الواقع.

المصدر

http://www.arabnet5.com/news.asp?c=2&id=39198

السبت، 11 يونيو 2011

تعريف الاصولية


ما كتبه العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد - حفظه الله - في تعريف الأصولية من كتابه القيم "معجم المناهي اللفظية" ، وفي ذلك الكفاية وزيادة :
أصولي: من الجاري في مصطلحات العلوم الشرعية: أُصول الدِّين، ويُقال: الأصل، ويقصد به: علم التوحيد. ومنها: أُصول التفسير، أُصول الحديث، أُصول الفقه . وإلى هذا اشتهرت النسبة للمبرز فيه بلفظ: الأُصولي . وعنهم أَلَّفَ المراغي كتابه "طبقات الأُصوليين".
لكن في أعقاب اليقظة الإسلامية في عصرنا، وعودة الناس إلى الأخذ بأسباب التقوى والإيمان، والتخلص من أسباب الفسوق والعصيان، ابتدر أعداء الملة الإسلامية هذه العودة الإيمانية، فأخذوا يحاصرونها ويجهزون عليها بمجموعة من ضروب الحصار، والتشويه، وتخويف الحكومات منهم ومن نفوذهم، وفي قالب آخر تحسين المذاهب المعادية للإسلام، وعرضها بأحسن صورة- زعموا، وكان من هذه الكبكبة الفاجرة في الإجهاز على العودة الراشدة إلى الإسلام صافيًا: جلبُ مجموعة من المصطلحات المولودة في أرض الكفر، تحمل مفاهيم سيئة إلى حد بعيد، وكان منها هذا اللقب "الأُصولية"، النسبة إليها: "أُصولي".
التزمت . التطرف.
والذي يعنينا هنا هو هذا اللقب، الذي صار له من الشيوع والولوع بذكره الأمر العجيب، حتى في بني جلدتنا، فكأنهم مرصدون لتبني نفثات العداء، وإشاعتها بين المسلمين، ونقول: الله أكبر: إنها السنن، فكما كان أهل الأهواء يطلقون مجموعة ألقاب نكراء على أهل السنة، للتنقص منهم، والوقيعة فيهم، والتنفير منهم، والسخرية بهم، مثل: حشوية، مشبهة، مجسمة.
فتؤول النوبة اليوم إلى المبتدعة الجدد في بدعهم الكلامية الجديدة، وهي أشد مكرًا من سوابقها. والحمد لله الذي خذلهم جميعًا، وبقي الحق على الإسلام والسنة، لم تؤثر فيه تلك الأهواء الطاغية، والمقولات الفاسدة الفاجرة .
وعليه: فهذا اللقب "أُصولي" أصيلٌ في مبناه، طري في معناه، بل فاسد تسربل هذا المبنى، حتى يسهل احتضانه، والارتماء في حبائله، فهذه الياء "ياء النسبة" وأصل الشيء: قاعدته وجوهره.
لكن ماذا تحمل من معنى في محلها الذي ولدت في: "أمريكا" ؟ إنها تعني : ديانة نصرانية كهنوتية ترفض كل مظهر من مظاهر الحياة وتراه خروجًا على الدين.
ولهذا فإن النصارى - ومن في ركابهم من أُمَم الكفر في عدائهم العريق لملة الإسلام - سحبوا هذا اللقب على كل مسلم مرتبط بدينه الإسلام: قولاً وعملاً، واعتقادًا، فسربلوه بهذا اللقب "أُصولي" وما يتبناه هو " الأُصولية" .
وهي تلتقي تمامًا مع ما كان يقال بالأمس: "رجعية" و"رجعي" ، لكن هذا اللقب "رجعي" فيه قدح ظاهر، أما "أُصولي" فهو قدح مبطن .
ولهذا فكم رأينا من أغمار استملحوه فأطلقوه، وامتحنوا الأُمة به .
ثم أوجد الحداثيون في عصرنا ألقابًا أخرى في هذا المعنى لمن تمسك بالإسلام منها: "الماضوية" نسبة إلى الماضي ، "التاريخانية" نسبة إلى التاريخ القديم في الزمان الغابر ، " الأُممية" نسبة إلى الرجوع إلى أمة واحدة والواجب في نظرهم: الخلط بين الناس من غير اعتبار دين يفرق بينهم .
وفي مقدمة الأستاذ/ عبد الوارث سعيد، لترجمة كتاب: " الأصولية"(ص/12) قال: في معرض كشفه لعدد من سلبيات كتابات الغربيين عن الإسلام (تقديم الصحوة الإسلامية من خلال مجموعة من المصطلحات التي وُلِدَت في بيئة الغرب وحُمِّلت بمعانٍ ومفاهيم متأثرة بتجارب الغرب، وقيمهِ، ونظرته للدين، والحياة، مثل: أصولية، والخلاص، والعهد السعيد، واليمين واليسار، والرجعية، والتقدمية، والحداثة، والرادكالية، والنضالية، والتحررية، والإحياء، والإصلاح، والانبعاث، وغيرها.
وخير مثال على خطورة تبني هذه المصطلحات، دون إعادة تحديدٍ مدلولاتها، مصطلح : " الأصولية" ؛ إذ يعني في بيئته الأصلية: فرقة من البروتستنت، تؤمن بالعصمة الحرفية لكل كلمة في: "الكتاب المقدس" يدَّعي أفرادها التلقي المباشر عن الله، ويعادون العقل، والتفكير العلمي، ويميلون إلى استخدام القوة، والعنف؛ لفرض هذه المعتقدات الفاسدة. انتهى .
وقال شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز - أثابه الله تعالى-: مما يلاحظ في هذه الأعوام - أي: 1412هـ وما بعده - بشكل خاص أن كثيرًا من وكالات الأنباء العالمية التي تخدم مخططات أعداء الإسلام، وتخضع لمراكز التوجيه النصراني، والماسوني، تخطط بأُسلوب ماكر؛ لإثارة العالم كله ضد ما يسمونه: "الاُصوليين" ، وهم يقصدون بذلك الذَّمَّ والقدح في المسلمين المتمسكين بالإسلام على أُصوله الصحيحة، الذين يرفضون مسايرة الأهواء، والتقارب بين الثقافات والأديان الباطلة.
وقد وقع بعض الإعلاميين المسلمين في مصيدة الأعداء، وأخذوا ينقلون تلك الأخبار المعادية للإسلام، وأصبحوا يتداولونها عن جهل بمقاصد أصحابها، أو غرض في نفوس بعضهم، فكانوا بفعلهم هذا، أعوانًا للأعداء على الإسلام والمسلين، بدلاً من قيامهم بواجب التصدِّي لأعداء الإسلام، وإبطال كيدهم، ببيان أهمية الرابطة الدينية والأُخوة الإسلامية من الشعوب الإسلامية، وأن الأخطاء الفردية التي لا يسلم منها أحد، لا ينبغي أن تكون مبررًا للتشنيع على الإسلام والمسلمين، والتفريق بينهم. انتهى
وقد كنت كتبت فتوى عن حكم إطلاق هذا اللفظ واستعماله، هذا نصها: الأصولية: الأصولية .. الراديكالية.. النضالية.. الخلاص.. العهد السعيد.. جميعها ، وأمثال لها من " الألقاب الدينية" مصطلحات أجنبية تولَّدت حديثًا في العالم الغربي، أوصافاً للكهنوتيين المتشددين .
فإذا أخذنا هذا المصطلح الأصولية نجد حقيقته كما يلي: أنه - يعني في بيئته الأصلية - العالم الغربي - فرقة من البروتستنت تؤمن بالعصمة لأفرادها الذي يدعون تلقيهم عن الله مباشرة، ويعادون العقل، والفكر العلمي، ويميلون إلى استخدام القوة والعنف في سبيل هذا المعتقد الفاسد. فمصطلح الأصولية، وما في معناه هو إذًا: لإيجاد جو كبير من الرعب والتخوف من الدين، ومقاومة من يدعو إليه، في أي ديانة كانت. انتهى.
والله أعلم.


الأربعاء، 27 أبريل 2011

البروباغندا


الدعاية (بالإنكليزية: Propaganda) كلمة تعني نشر المعلومات وتوجيه مجموعة مركزة من الرسائل بهدف التأثير على آراء أو سلوك أكبر عدد من الأشخاص. وهي مضادة للموضوعية في تقديم المعلومات، البروباجاندا في معنى مبسط، هي عرض المعلومات بهدف التأثير على المتلقى المستهدف. كثيرا ما تعتمد البروباجندا على إعطاء معلومات ناقصة، و بذلك يتم تقديم معلومات كاذبة عن طريق الامتناع عن تقديم معلومات كاملة، و هي تقوم بالتأثير على الأشخاص عاطفيا عوضا عن الرد بعقلانية. و الهدف من هذا هو تغيير السرد المعرفي للأشخاص المستهدفين لأجندات سياسية. أصل الكلمة أصل الكلمة أتى من اللاتينية “كونغريقاتيو دي بروباجاندا فيدي” و التي تعني (مجمع نشر الإيمان)، وهو مجمع قام بتأسيسه البابا غريغوري الخامس عشر في عام 1622. يقوم هذا المجمع على نشر الكاثوليكية في الأقاليم. و تعني بروباجاندا باللاتينية نشر المعلومات دون أن يحمل المعنى الأصلي أي دلالات مضللة. المعنى الحالي للكلمة نشأ في الحرب العالمية الأولى عندما أصبحت مصطلح مرتبط بالسياسة. يعيد المفكر الاعلامي الألماني كلاوس ميرتن أصل الدعاية إلى أرسطو في كتابه (الخطابة)،ويرى الباحث بُرهان شاوي أن الكثير من قصص العهد القديم وتعاليمة يمكن تفسيرها كنصوص دعائية، فهي تحتوي على كل ما يمكن ان تحمله الدعاية من مضامين ووسائل واهداف، فهي تقدم التبريرات وتمنح الشرعية لأية أفعال عدوانية ضد المخالفين في الرأي والعقيدة والجنس والقومية، وذلك باسم (الارادة الإلهية) و(شعب الله المختار). وفي المرحلة الاغريقية كانت الدعاية تنحصر في السياسة الداخلية بإقناع الخصوم السياسيين والمفكرين، بينما كانت في السياسة الخارجية تعني خلق (صورة للعدو) من اجل توحيد الصف الشعبي من خلالها والاستفادة في تأجيل الكثير من المطالب الملحة للشعب، ومن أجل منح الشرعية للحروب ولتحقيق الاطماع التوسعية واقامة الامبراطوريات، فالهيمنة والاحتلال والانقلابات السياسية جميعها تبحث عن الشرعية وعن التمويل ولا يمكن ذلك بدون الدعاية، كما يؤكد برهان شاوي. وفي العصر الحديث، استعملت كلمة البروباغاندا خلال حرب الثلاثين عاما التي شهدتها أوروبا ما بين الأعوام 1618 – 1648، فخوفا من إنتشار أفكار مارتن لوثر تشكلت لجنة كنسية للدعاية، وعندما قامت الثورة الفرنسية امتلكت الصحافة سلطة جبارة في التأثير على الجماهير، ما دفع السياسيين لأستخدامها كوسيلة اساس في الصراع السياسي. وفي الحرب العالمية الأولى، أسس الرئيس الاميركي ويلسون لجنة دعائية ساهم في عضويتها كبار المفكرين والمنظرين الاكاديميين أمثال جون ديوي ، فالتر لبمان، أدورد بيرنايس، كما تأسست في بريطانيا وزارة للدعاية التي أخذت على عاتقها مهمة تحريض الشعب الأميركي ضد الألمان. أما الشيوعية فلم تفرق بين البروباغاندا والتحريض، وأصبحت تعني وسيلة لتهديم الأفكار البرجوازية ونشر الافكار الأشتراكية. أنواعها تتشارك الدعاوة التقنية ذاتها مع الإعلان و العلاقات العامة. فالإعلان و العلاقات العامة يمكن أن تصنف على أنها دعاوة لمنتج أو علامة تجارية و أفراد و كذلك منظمات ، و التي اصطلح على تسمية هذا النوع من الدعاوة “دعاية” ، البروباغاندا المعاصرة تستغل التقنيات الحديثة للتأثير في الرأي العام وتوجيه أفكار وقرارات الناس السياسية والاجتماعية وحتى الدينية، وذلك باستخدام تقنيات وأساليب سيكولوجية عديدة من أهمها: 1ـ القولبة والتنميط 2- تسمية الأشياء بغير مسمياتها 3ـ إطلاق الشعارات 4ـ التكرار 5ـ الاعتماد على الأرقام والإحصائيات ونتائج الاستفتاء 6ـ الاستفادة من الشخصيات اللامعة 7ـ عدم التعرض للأفكار السائدة 8ـ التظاهر بمنح فرص الحوار والتعبير عن الرأي لجميع الاتجاهات 9ـ التأكيد بدلاً من المناقشة والبرهنة 10ـ عدم التعرض للقضايا الحساسة 11ـ إثارة الغرائز وادعاء إشباعها 12ـ ادعاء الموضوعية.

الخميس، 14 أبريل 2011

"قمري الحزين" إحدى روائع البياتي


"قمري الحزين" هي إحدى قصائد الشاعر العراقي الكبير عبدالوهاب البياتي والذي مارس الصحافة 1954م مع مجلة "الثقافة الجديدة" لكنها أغلقت، وفصل عن وظيفته، واعتقل بسبب مواقفه الوطنية. فسافر إلى سورية ثم بيروت ثم القاهرة. وزار الاتحاد السوفييتي واشتغل أستاذاً في جامعة موسكو، ثم باحثاً علمياً في معهد شعوب آسيا، وزار معظم أقطار أوروبا الشرقية والغربية. وفي سنة 1963 أسقطت عنه الجنسية العراقية، ورجع إلى القاهرة 1964م وأقام فيها إلى عام 1970، وتوفي عام 1999. يقول الشاعر في قصيدته "قمري الحزينْ" قمري الحزينْ البحر مات وغيّبت أمواجُهُ السوداء قلع السندبادْ ولم يعد أبناؤه يتصايحون مع النوارس والصدى المبحوح عاد والأفق كَفَّنَهُ الرمادْ فَلِمَنْ تغنّي الساحراتْ ؟ والعشب فوق جبينه يطفو وتطفو دنيوات كانت لنا فيها ، إذا غنى المغنّي ، ذكريات غرقت جزيرتنا وما عاد الغناء إلا بكاءْ والقُبَّرَاتْ طارت ، فيا قمري الحزين الكنز في المجرى دفين في آخر البستان ، تحت شجيرة الليمون ، خبأهُ هناك السندبادْ لكنه خاوٍ ، وها أنَّ الرماد والثلجَ والظلمات والأوراق تطمره وتطمر بالضباب الكائنات أكذا نموت بهذه الأرض الخراب ؟ ويجفّ قنديلُ الطفولةِ في التراب ؟ أهكذا شمس النهار تخبو وليس بموقد الفقراءِ نارْ ؟ -2- مُدنٌ بلا فجرٍ تنامْ ناديتُ باسمكَ في شوارعِها ، فجاوبني الظلام وسألتُ عنكَ الريحَ وهي تَئِنّ في قلبِ السكون ورأيتُ وجهَكَ في المرايا والعيون وفي زجاجِ نوافذِ الفجرِ البعيدْ وفي بطاقاتِ البريدْ مُدُنٌ بلا فجرٍ يُغطّيها الجليد هجرتْ كنائسَهَا عصافيرُ الربيعْ فَلِمَنْ تُغَنِّي ؟ والمقاهي أوصدتْ أبوابَهَا وَلِمَنْ تُصَلِّي ؟ أيها القلبُ الصَّدِيع والليلُ ماتْ والمركبات عادتْ بلا خيلٍ يُغَطِّيهَا الصَّقِيع وسائقوها ميتون أهكذا تمضي السنون ؟ ونحنُ مِنْ مَنْفَى إلى مَنْفَى ومن بابٍ لبابْ نَذْوِي كَمَا تَذْوِي الزَّنَابِقُ في التُّرَابْ فُقَرَاء ، يا قَمَرِي ، نَمُوت وقطارُنا أبداً يَفُوت
بقلم / مى كمال الدين

الأحد، 3 أبريل 2011

كلمات من مفكرة الراحل الكبير مصطفى محمود


نحن مصنوعون من الفناء..ولا ندرك الأشياء إلا في لحظة فنائها، وإذا دام شئ في يدنا فإننا نفقد الاحساس به. - العلم المادى أضاء لنا البيت ولكنه لم يضئ لنا قلوبنا، العلم قدم لنا جاهلية جديدة أسلحتها الغواصات والصواريخ والقنابل الذرية لأنه كان علماً خلا من الدين. - يارب سألتك باسمك الرحيم أن تنقذني من عيني فلا تريني الأشياء إلا بعينك أنت، وتنقذني من يدي فلا تأخذني بيدي، بل بيدك أنت تجمعني بهما على من أحب عند موقع رضاك ... فهناك الحب الحق. - موقفك المشبع بالحب والتفاؤل يحول عذابك إلي كفاح لذيذ، ويحول محاربتك للشر إلي بطولة و نبل. - كل شيء يهون كما تهون المسافات.. الزمن يمشي على كل شيء. - إن إسرائيل التى أخرجت لغتها العبرية البائدة من القبر وتدثرت بها لتصنع لها هوية وقومية وإرثاً تاريخياً من العدم لن تكتفى بأقل من السيادة والهيمنة، هؤلاء الذين فرحوا بالتطبيع لا يرون إلا المصالح العاجلة تحت أقدامهم ولا يرون خطر الإحتواء الأمريكى الإسرائيلى على المدى البعيد ولا يشهدون الخراب الذى يخطط لبلدهم، والسد الوحيد الذى يقف أمام هذا الطوفان الذى يدق على الأبواب هو الروح الدينية فى المنطقة العربية وفى مصر بالذات. كلمات إنسانية - الفضيلة صفة إنسانية وليست حكرا على دين بعينه ولا على مجتمع بعينه ولا على شخص بعينه، ولم تكن في يوم من الأيام خاصة بنا نحن المسلمين دون سوانا، فلدينا نحن المسلمين من يحاربون الفضيلة أكثر من بعض دعاتها في الغرب، لكننا الأولى بها بكل تأكيد. - الله هو المحبوب وحده على وجه الأصالة وما نحب فى الآخرين إلا تجلياته وأنواره فجمال الوجوه من نوره وحنان القلوب من حنانه فنحن لا نملك من أنفسنا شيئاً إلا بقدر ما يخلع علينا سيدنا ومولانا من أنواره وأسمائه. - القشه فى البحر يحركها التيار والغصن على الشجره تحركه الريح والانسان وحده.. هو الذى تحركه الاراده - في دستور الله و سنته أن الحرية مع الألم أكرم للانسان من العبودية مع السعادة ولهذا تركنا نخطيء ونتألم ونتعلم وهذه هي الحكمة في سماحه بالشر. - إن نفوسنا هي المعاقل الأولي للثورة والتغيير وترويضها وقيادتها هي المنطلق لقيادة أي شئ وليست شقشقة الشعارات وطنطنة الهتافات, فليعطف كل منا على نفسه يروضها ويربيها ويزكيها ويكافحها فذلك هو الجهاد الأكبر. - ابك ما شئت من البكاء فلا شئ يستحق أن تبكيه. لا فقرك ولا فشلك ولا تخلفك ولا مرضك ..فكل هذا يمكن تداركه. أما الخطيئة التي تستحق أن تبكيها فهي خطيئة البعد عن إلهك. - العالم واسع فسيح، وإمكانيات العمل و السعادة لا حد لها وفرص الاكتشاف لكل ما هو جديد و مذهل و مدهش تتجدد كل لحظة بلا نهاية، فلماذا يسجن الإنسان نفسه داخل شق في الحائط مثل النملة ويعض على أسنانه من الغيظ أو يحك جلده بحثا عن لذة أو يطوي ضلوعه على ثأر، لماذا نسلم أنفسنا للعادة و الآلية والروتين المكرر وننسى أننا أحرار فعلا. - لم يقذف بنا إلى الدنيا لنعاني بلا معين كما يقول سارتر، إن كل ذرة في الكون تشير بإصبعها إلى رحمة الرحيم، حتى الألم لم يخلقه الله لنا عبثا، و إنما هو مؤشر و بوصلة تشير إلى مكان الداء و تلفت النظر إليه. - رضى الضمير مستحيل , وفي اللحظات التي يخيل اليك أن ضميرك رضي عنك .... لا يكون في الحقيقة قد رضي وإنما يكون قد مات . - الطريقة الوحيدة لتحويل الكتب الأدبية الطريفة الى كتب سخيفة هي تقريرها على المدارس . الحب والزواج - حتى ينجح الزواج لابد أن يكون الزوج بهلوانا والزوجة بهلوانة ليضع الاثنان الشطة في فطيرة الحب كل يوم. - لا فرق بين الحب والكراهية كلاهما نار، كلاهما اهتمام شديد وارتباط حار بين قلبين. - لا تصدق أن غيرة المرأة حب وشكها غرام، وإنما غيرتها دائما عذر تنتحله لتمتلكك وتحجر عليك وتستولى على حريتك إنها الأنانية بعينها. - المرأة تحرص على أن يكون لها جيش من العيال ليزداد عدد الأصوات التي تصوت في صالحها في خناقة كل يوم. - الحماة أول جهاز مخابرات في العالم. - الرجل في حقيقته ليس إمبراطورا وليس ربا لأسرته ولكنه عبدا لهذه الأسرة وخادما لأصغر فرد فيها، خادم لا يطلب إلا الأمان والاطمئنان بأفدح الأثمان!. - للصمت المفعم بالشعور حكم أقوى من حكم الكلمات وله إشعاع وله قدرته الخاصة على الفعل والتأثير. - الحب هو الجنون الوحيد المعقول فى الدنيا. - سلة القمامة التى نلقى فيها بكل أفعالنا هى كلمة " قسمة ونصيب". - الجمال الحقيقى هو جمال الشخصية وحلاوة السجايا وطهارة الروح، النفس العفيفة الفياضة بالرحمة والمودة والحنان والأمومة هى النفس الجميلة، والخلق الطيب الحميد، والطبع الصبور الحليم والمتسامح، أي قيمة لوجه جميل وطبع قاس وخوان مراوغ خبيث. - الرحمة أعمق من الحب و أصفى و أطهر، فيها الحب، و فيها التضحية، و فيها إنكار الذات، و فيها التسامح، و فيها العطف، و فيها العفو، و فيها الكرم، و كلنا قادرون على الحب بحكم الجبلة البشرية، و قليل منا هم القادرون على الرحمة. - أريد لحظة إنفعال، لحظة حب، لحظة دهشة، لحظة إكتشاف، لحظة معرفة، أريد لحظة تجعل لحياتى معنى، إن حياتى من أجل أكل العيش لا معنى لها ، لأنها مجرد إستمرار. - اشغلوا أنفسكم بما يفيد ودعوا الكون لخالقه والأقوياء الجبابرة للذى هو أقوى منهم، للجبار القهار الذى لا يعجزه شئ فى الأرض ولا فى السماء. - الطريقة الوحيدة لتجعل امرأة صماء تسمعك، هي أن تقول لها أتزوجك . -- اسق حبيبتك من كأسك، حذار أن تسقيها من نفسك، إننا حينما نعطي نفوسنا للنساء نعجز عن استردادها، إننا نذوب فيهن كما يذوب السكر في الماء ويصبح من المستحيل فصلنا من بدون اللجوء إلى النار والغليان والتبخير، وحينما يذوب الرجل في المرأة يضعف ويصبح مثل ظلها .. والمرأة لا تحب الرجل الضعيف حتى لو كانت هي سبب ضعفه . - الصدق هو الكذب الذي لم نكتشفه بعد. - نحن في صبانا نبدو متأكدين من أشياء كثيرة، وفي شبابنا نحارب بحماس من أجل هذه الأشياء، وفي شيخوختنا نشعر أن المسأله لم تكن تستحق كل هذا الحماس، وأن أغلب الأشياء التي اعتنقناها في تعصب كانت خطأ، هذا هو الداعي لأن يكون اسوأ السياسيين هم الشيوخ،لأنهم يعيشون في التردد والشك والافتقار إلى العقيدة. - الإنسان الذكي يقاوم ما يحب … ويمارس ما يكره. - الانسان بدون حب انسان ضائع متشرد بدون أهل، بدون شئ يمت إليه بالقرابة بدون شئ يمسك عليه وجوده ويلضم لحظاته بعضها فى بعض، إن الجحيم أهون من أن نعيش حياتنا بلا حب، وأعظم حب هو أن نحب الخالق العظيم الذى خلقنا ونعطى له وجهنا كما تعطى زهرة عبادالشمس وجهها للشمس.